إعلانات

Wednesday 12 November 2014

النظام الضريبي المغربي S3

تقديم:

المبحث الأول: البنية العامة للنظام الضريبي المغربي
المطلب الأول: الضريبة على الدخل
الفقرة الأولى: تعريف الضريبة على الدخل
الفقرة الثانية: الإعفاءات الضريبية الخاصة الضريبة على الدخل
المطلب الثاني: الضريبة على الشركات
الفقرة الأولى: تعريف الضريبة على الشركات
الفقرة الثانية: الإعفاءات الضريبية الخاصة بالضريبة على الشركات
المطلب الثالث: الضريبة على القيمة المضافة
الفقرة الأولى: تعريف الضريبة على القيمة المضافة
الفقرة الثانية: الإعفاءات الضريبية الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة
المبحث الثاني: دور الضريبة في التنمية الاقتصادية
المطلب الأول: دور الضريبة في الحد من التضخم
المطلب الثاني: آ ثار الجباية على الاستثمار و التجارة الخارجية
المطلب الثالث: الضريبة والإصلاح الجمركي
المبحث الثالث: دور الضريبة في التنمية الاجتماعية
المطلب الأول: دور الضريبة في محاربة البطالة
المطلب الثاني: الجباية وإعادة توزيع الدخل
الفقرة الأولى: دور الضرائب المباشرة في إعادة توزيع الدخل
الفقرة الثانية: دور الضرائب غير المباشرة في إعادة توزيع الدخل
إضافات: الضريبة في مشروع قانون المالية 2011
خاتمة:

عرفت الضريبة تطورا مهما عبر مر السنين سواء من حيث طبيعتها أو أهدافها أو الأسس التي تستند عليها.
إذ تعتبر الضريبة أحد أهم أدوات السياسة المالية التي تستخدمها مختلف الدول لإدارة اقتصادياتها، وتتجلى فعاليتها ـ أي الأدوات ـ في تحفيز النمو وتوزيع الدخل وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ويلعب النظام الضريبي الجيد دورا محوريا في تحقيق تفاعل إيجابي في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال نقل الضريبة من مجرد أداة مالية إلى أداة النهوض بالقطاع الاقتصادي والتأهيل الاجتماعي الشيء الذي أفرز ضريبة تساهم بشكل إيجابي في الاستقرار الاقتصادي عن طريق حماية الاقتصاد من التضخم والانكماش كما توظف من أجل التحكم في الاستهلاك وحماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية وتحسين وتيرة النمو علاوة على اعتبارها حافز جيد في جلب الاستثمارات ومجال الادخار وكونها أداة لتذويب الفوارق الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل والثروة بين مختلف مكونات المجتمع.
وسنحاول معالجة هذا الموضوع من خلال تعرفنا على البنية العامة للنظام الضريبي المغربي كمبحث أول ودور هذا النظام الضريبي في التنمية الاقتصادية كمبحث ثاني ودوره في التنمية الاجتماعية كمبحث ثالث.

المبحث الأول: البنية العامة للنظام الضريبي المغربي
المطلب الأول: الضريبة على الدخل
الفقرة الأولى: تعريف الضريبة على الدخل
تعتبر الضريبة العامة على الدخل ضريبة عامة، تفرض على مجموع دخول الأشخاص الطبيعيين كيفما كان مصدرها (المصدر الوطني بالنسبة لغير المقيمين بالمغرب والمصدر الأجنبي بالنسبة للمقيمين فيه). وقد حلت هذه الضريبة محل الضرائب النوعية القديمة كالضريبة الفلاحية والضريبة الحضرية والضريبة المهنية... الخ. ويضم وعاء الضريبة العامة على الدخل خمسة مصادر اقتصادية رئيسية. هي المداخيل الفلاحية، العقارية المهنية، المنقولة والأجرية، وتختلف عناصر هذه المصادر باختلاف المداخيل المعنية بالاستقطاع الضريبي، وهي كالتالي:
الدخول الفلاحية الناتجة عن المستغلات الزراعية، وتتأتى من:
استغلال الأراضي المزروعة بالحبوب والنباتات.
الأغراس المنتظمة.
الأشجار المثمرة مسقية وغير مسقية.
الدخول العقارية (الكرائية) الناتجة عن:
إيجار العقارات مبنية وغير مبنية.
الأرباح الناتجة عن بيوع عقارات أو التنازل عنها أو مبادلتها أو التصرف فيها.
الدخول المهنية، والناتجة عن:
مزاولة مهنة تجارية أو صناعية أو حرفية.
الاستثمار العقاري وتجزئة الأراضي.
التجارة في الأملاك.
مزاولة المهن الحرة.
دخول القيم المنقولة: وهذه عبارة عن أرباح رؤوس الأموال أي ما يحصل عليه من فوائد من عوائد الأسهم وحصص المشاركة.
دخول الرواتب والأجور: وهذه تشمل جميع الدخول والمرتبات وما في حكمها والتي يكون مصدرها العمل سواء بالقطاع العام أو القطاع الخاص.
إن الضريبة على الدخل هي ضريبة شخصية تفرض سنويا على مجموع أنواع المداخيل (فلاحية، عقارية، مهنية، أجرية وقيم منقولة)، والتي حصل عليها الملزم بالضريبة وهي أيضا ضريبة تصريحية تفرض على هذا الأخير التصريح بمجموع مداخيله خلال السنة المنقضية، وذلك قبل فاتح أبريل من كل سنة مع استثناء قانوني يهم الموظفين والمأجورين الذين تتكفل إدارتهم المشغلة بالتصريح بمداخليهم، وتعمل على اقتطاع الضريبة الواجبة عليهم بواسطة تقنية الحجز عند المنبع، ويطبق في هذه الضريبة نظام اقتطاع بنسب تصاعدية تبعا لنظام الشرائح حيث تم تحديد نسب الأسعار في 12% كحد أدنى ثم %24 %34 و%38 وأخيرا سعرا أعلى يصل إلى 40%.
وقد أدى الأخذ بالضريبة على الدخل إلى تحقيق جملة من المزايا بالنسبة للنظام الضريبي المطبق على الأشخاص الذاتيين، تمثلت بالأساس في مزيتي العقلنة والتبسيط للنظام المطبق، وذلك بالتخلي عن نظام الضرائب النوعية، وتبسيط مساطره التقنية، وإدخال نوع من البساطة والفعالية في الجانب التقني لمكوناته بالتنصيص على إيجاد ضريبة عامة واحدة للدخول الاقتصادية للملزم الواحد.
ورغم مزايا التحديث والتعميم والتوحيد التي جاءت بها الضريبة على الدخل، فإن تطبيقاتها العملية لم تلغي التفاوتات القائمة بين مختلف المصادر الاقتصادية للدخول. إذ أن الشريحة التي ستخضع أكثر من غيرها لتأثير هذا النظام هي فئة المأجورين بنسبة مساهمة تمويلية في حجم وحصة الضريبة حددتها بعض الكتابات في 70%، كما أن ضعف واختلال نسب المساهمة التمويلية، ستترافق مع ظاهرة المحافظة على اختلاف في أساليب الاقتطاع والتقدير بالنسبة لكل مصدر ضريبة على حدة، مما يبرز جانبا من حدود هذه الضريبة على المستويين الكمي والنوعي.
الفقرة الثانية: الإعفاءات الضريبية الخاصة بالضريبة على الدخل
جاء في المادة 22 من المدونة العامة للضرائب جرد لدخول والأرباح التي تتمتع بالإعفاء:
واحتل القطاع العقاري المرتبة الأولى باعتباره أكبر المستفيدين من إجراءات الإعفاءات الضريبية في المغرب.
الدخول المهنية :
الإعفاءات والتخفيض الدائمين: الإعفاء الدائم:والذي يستفيد منه المنعشون العقاريون الذين ينجزون في إطار اتفاقية مبرمة مع الدولة ومراقبة بدفتر للتحملات لبناء 2500 سكن اجتماعي على الأقل خلال خمس سنوات كأجل أقصى من الإعفاء والتخفيض من الضريبة على الدخل.
الإعفاء الكلي المتبوع بتخفيض دائم: يهم المنشات الفندقية والمنشات المصدرة والمنشات التي تبيع منتجات تامة الصنع لمنشات مقامه داخل المواقع الخاصة بالتصدير.
التخفيض الدائم : يهم المنشات المنجمية التي تبيع منتجات إلى منشات تصدرها بعد رفع قيمتها.
الإعفاءات المؤقتة والتخفيضات المؤقتة :
_الإعفاءات المؤقتة المتبوعة بتخفيضات مؤقتة تستفيد منه المنشات التي تزاول أنشطتها داخل المناطق الحرة للتصدير.
_التخفيضات المؤقتة :تهم الخاضعون للضريبة بالنسبة للأنشطة التي يزاولنها داخل العمالات والأقاليم والحرفيون الذين يكون إنتاجهم حصيلة عمل يدوي أساسا وذلك فيما يتعلق بدخولهم المهنية علاوة على المؤسسات الخاصة للتعليم أو التكوين المهني ثم الدخول الناتجة عن عمليات الإيجار المحققة من طرف المنعشين العقاريين.
بخصوص الأشخاص الذاتيين: سيطبق على الأشخاص الذاتيين المزاولين في العمالات والأقاليم المذكورة، سعر 20% برسم الدخول المحققة ما بين فاتح يناير 2008 إلى غاية 31 ديسمبر 2010 .
وابتداءا من فاتح يناير 2011 سيضاف إلى سعر 20 % نقطتان كل سنة إلى غاية 31 ديسمبر 2015. وابتداءا من سنة 2016 سوف يطبق على هؤلاء الأشخاص الذاتيين جدول الضريبة على الدخل.
الدخول الناتجة عن المستغلات الفلاحية
الإعفاءات الدائمة:
حيث تنص المادة 47 من المدونة التي تهم هذه الإعفاءات المتعلقة بالأرباح الناتجة عنه والمغارس الغابوية التي لاتفوق مساحتها هكتارا واحدا والمغارس الغير المثمرة، وكذا الأرباح الناتجة عن بيع الحيوانات.
والأرباح الناتجة عن المغارس الغابوية الغير مثمرة والتي تغرس لأجل الحفاظ على التربة من الانجراف الناتج عن الرياح والأمطار.
وسيستفيد الفلاحون فيما يخص الإعفاء المقرر إلى غاية دجنبر 2013 بالنسبة للأرباح المتأتية من المستغلات الزراعية، والذي ترتبت عنه نفقات جبائية تقدر ب959 مليون درهم (22 في المائة من النفقات سنة 2011 بالنسبة للضريبة على الدخل)

الدخول والأرباح العقارية:
نجد هذه الإعفاءات التي تستفيد منها هذه الأنواع من الدخول المنظمة بمقتضيات المادة 63 من المدونة :
الدخول الناشئة عن إيجار المباني الجديدة؛
الربح المحصل عليه من تفويت عقار أو جزء عقار؛
واحتل القطاع العقاري المرتبة الأولى باعتباره أكبر المستفيدين من إجراءات الإعفاءات الضريبية في المغرب. كما أن القطاع العقاري استفاد من 41 إجراء ضريبي خلال عام 2011, إضافة إلى أن قيمة 33 إجراء من بين الإجراءات التي استفاد منها القطاع العقاري والتي جرى تقييمها، بلغت 5.4 مليار درهم (680 مليون دولار)، بزيادة% 22 مقارنة بالإعفاءات التي استفاد منها القطاع العقاري خلال العام الماضي.
الامتيازات بالنسبة الدخول والأرباح الناشئة عن رؤوس الأموال المنقولة:
الهبة بين الأصول والفروع وبين الأزواج والإخوة والأخوات فيما يتعلق بالقيم المنقولة,
الأرباح وغيرها من عوائد المساهمة المماثلة لها الموزعة من لدن الشركات المقامة في مناطق التصدير الحرة والناتجة عن لأنشطة مزاولة داخل المناطق المذكورة؛
الفوائد المدفوعة للأشخاص الطبيعيين أصحاب حسابات الادخار لدى صندوق التوفير الوطني.
و سيتم تخفيض السعر المطبق على دخول رؤوس الأموال المنقولة ذات المنشأ الأجنبي من 30% إلى 15% سنة 2012.

المطلب الثاني: الضريبة على الشركات
الفقرة الأولى: تعريف الضريبة على الشركات
حلت الضريبة على الشركات محل الضريبة على الأرباح المهنية، وجاء إحلالها تكريسا لهدفي التجميع والتبسيط اللذين طبعا باقي مكونات الإصلاح الضريبي وهما الضريبة على القيمة المضافة والضريبة العامة على الدخل. وإذا كانت هذه الضريبة الأخيرة تهم الأشخاص الذاتيين، فإن الضريبة على الشركات تطال من الناحية القانونية الأشخاص المعنويين، وهي تخضع كل الشركات مهما كان هدفها، التي تحقق أرباحا في المغرب وسواء حققت تلك الأرباح بصورة دورية أو عرضية. إلا أن الخضوع لمقتضيات هذه الضريبة لا يطال أصنافا محددة من الشركات، وهي الشركات الفعلية والشركات العقارية التي يكون رأسمالها مقسما على الشكل حصص اجتماعية إسمية، والتي تكون فيها حصة كل شريك ظاهرة والشركات التعاونية المغربية.
وتفرض الضريبة على الشركات كل سنة على مجموع الحاصلات والأرباح التي حصلت عليها الشركة وباقي الأشخاص المعنويين، على عكس الوضع الذي كانت عليه نسب الضريبة على الأرباح المهنية.
على إثر التراجع الملحوظ في سعر الضريبة على الشركات والذي يؤثر سلبا في مردوديتها المالية، فإن الظاهرة الثانية المؤثرة هي التساهل الذي يطبع عمليات تحديد حجم التكاليف المحتسبة من طرف الشركات الخاضعة للضريبة والتي تدفع الكثير منها إلى التصريح بالخسارة مما يعفيها من أداء الضريبة.
وإذا أضفنا إشكالية التهرب الضريبي التي يعاني منها هذا النوع من الضرائب فإن النتيجة ستكون إلى ضعف المردودية ضعف المساهمة في تنمية ضعف المقاولات وتكريسا للحيف الجبائي وتعميقا للأزمة الاقتصادية التي تعرفها المقاولات الصغرى والمتوسطة والاتجاه نحو المزيد من تمركز الشركات الكبرى.

الفقرة الثانية : الإعفاءات الضريبية الخاصة بالضريبة على الشركات
تقدر مديرية الضرائب في تقرير لها حجم الإعفاءات الضريبية برسم سنة 2011 بما يزيد على 32 مليار درهم بزيادة 7.6% عن سنة 2010، كما أشار التقرير إلى أن حجم الإعفاءات الضريبية برسم سنة 2011 سيشكل 3.7% من الناتج الوطني الخام إضافة إلى أن الشركات استفادت خلال سنة 2011من %60 من حجم الإعفاءات الضريبية وهو ضعف ما استفادت منه الأسر المغربية %30 وعن توزيع الإعفاءات الضريبية يأتي قطاع العقاري في مقدمة الأنشطة التي استفادت من الإعفاءات الضريبية وقد بلغ رقم الإعفاءات 5.41 مليار درهم في سنة 2010 والذي عرف ارتفاعا خلال سنة 2011.
وقد حددت المادة 6 من المدونة الإعفاءات فيما يلي:
- الإعفاءات والتخفيضات الدائمة : ونميز هنا بين 3 أنواع من الإعفاءات :
- الإعفاءات الدائمة وتهم:
الجمعيات والهيآت قانونا في حكمها غير الهادفة للحصول على الربح، فيما عدا المؤسسات المملوكة للجمعيات التي تتوخى البيع أو تقديم الخدمات.
العصبة الوطنية لمكافحة أمراض القلب والشرايين.
مؤسسة الحسن الثاني لمكافحة أمراض القلب والشرايين.
جمعيات مستعملي المياه الفلاحية لأجل الأنشطة الضرورية لسيرها.
مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان.
مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
مؤسسة محمد الخامس للنهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية.
المكتب الوطني للأعمال الاجتماعية والثقافية.
البنك الإسلامي للتنمية.
البنك الإفريقي للتنمية.
الشركات المالية الدولية.
جامعة الأخوين بافران.
- الاعفاءات الكلية المتبوعة بتخفيض دائم وتهم:
المنشات غير المزاولة نشاطها في القطاع المنجمي التي تبيع لمنشات أخرى مقامه في مواقع التصدير منتجات تامة الصنع معدة للتصدير، تتمتع بإعفاء من مجموع الضريبة طوال مدة 5 سنوات متتالية للسنة التي أنجزت فيها أول عملية البيع وبتخفيض 50 % بعد هذه المادة، ووفق شروط المادة7.
المنشات الفندقية عن مؤسساتها الفندقية، فيما يخص جزء الأساس المفروض عليه الضريبة المطابق لرقم أعمالها الذي تم تحقيقه بعملة أجنبية محولة إلى المغرب بصفة فعلية مباشرة او لحسابها عن طريق وكالات الأسفار.
- الإعفاءات الكلية المتبوعة بتخفيض مؤقت:
تتمتع المنشات التي تزاولها أنشطتها في المنطقة الحرة للتصدير بالإعفاء من مجموع الضريبة طوال 5 سنوات المحاسبية الأولى المتتالية المبتدئة من تاريخ الشروع في استغلالها.
الوكالات الخاصة –طنجة- البحر الأبيض المتوسط وكذا الشركات المتدخلة لانجاز التهيئة واستغلال وصيانة المشروع بالمنطقة الخاصة بالتنمية طنجة البحر الأبيض المتوسط والمقيمة في المنطقة الحرة لتصدير تستفيد من الامتيازات الممنوحة للمنشات المقيمة في المنطقة للتصدير.

بخصوص الشركات المصدرة:
تستفيد الشركات بالنسبة لرقم أعمالها المتعلق بالتصدير خلال الفترة ما بين فاتح يناير 2008 إلى غاية 31 ديسمبر 2010 من السعر المخفض نسبته 8.75% وبعد هذا التاريخ سوف يطبق على هذه الشركات سعر 17.50% .
بخصوص شركات الصناعة التحويلية:
سيطبق على هذه الشركات سعر 17.50% بالنسبة لمجموع رقم أعمالها سواء المنجز داخل الأقاليم والمعاملات المذكورة أو خارج هذه المناطق، وذلك خلال الفترة ما بين فاتح يناير 2008 إلى غاية 31 ديسمبر 2010 .
وابتداءا من فاتح يناير2011 ستضاف إلى سعر 17.50% نقطتان ونصف كل سنة إلى 31 ديسمبر2015 .
وابتداءا من سنة 2016 سوف سطبق على هذه المنشٍٍٍِآت السعر العادي للضريبة على الشركات.

المطلب الثالث: الضريبة على القيمة المضافة
الفقرة الأولى: تعريف الضريبة على القيمة المضافة
تعتبر الضريبة على القيمة المضافة أهم مكون للضرائب غير المباشرة في المغرب، وقد كانت أول ضريبة شرع في تنفيذها غداة اعتماد القانون ـ إطار للإصلاح الضريبي المؤرخ في 23 أبريل 1984. بواسطة القانون رقم 85-30 الصادر في فاتح يناير 1986. والضريبة على القيمة المضافة، ضريبة حديثة الظهور في الأنظمة الضريبية المقارنة، ظهرت لأول مرة في فرنسا (قانون 10 أبريل 1954) ثم توسع الأخذ بها ليشمل مختلف الدول سواء المتقدمة منها أو النامية. ورغم مزيتي التبسيط و المردودية اللتين كانتا وراء اعتماد هذا النوع من الضرائب، فإن تطبيق هذه الضريبة طرح مجموعة من الإشكالات سواء على مستوى تحديد المفهوم أو على مستوى النظام القانوني أو من خلال طريقة احتساب مبلغ الضريبة.
ولأجل التعرف على الضريبة على القيمة المضافة، يستحسن في مرحلة أولى استحضار التعريف القانوني الذي أعطي لها، وهكذا نجد أن المادة الأولى من القانون المنظم لها تنص على أن: "تفرض على رقم المعاملات ضريبة تسمى الضريبة على القيمة المضافة وتطبق على:
1 ـ العمليات المنجزة بالمغرب سواء كانت بطبيعتها صناعية أو تجارية أو حرفية أم كانت داخلة في نطاق مزاولة مهنة حرة.
2 ـ عمليات الاستيراد.
بالإمكان أن نستنتج أن أهم عناصر الضريبة على القيمة المضافة، على اعتبار أنها ضريبة تهم بشكل رئيسي رقم المعاملات المنجز، وتعتبر ضريبة عامة تطال كلا من العمليات الصناعية، التجارية والحرفية، والعمليات الخاصة بمزاولة المهن الحرة، وتنطبق أيضا على عمليات الاستيراد.
وتبتدئ أهم خصائص وعناصر هذه الضريبة في الآتي:
أنها ضريبة غير مباشرة وعامة على الاستهلاك.
هي ضريبة تفرض على رقم المعاملات (الثمن).
هي ضريبة تفرض على مختلف المعاملات (صناعية تجارية أو خدماتية أو مرتبطة بالمهن الحرة وأيضا على عمليات الاستيراد).
هي ضريبة تراكمية، تطال فقط القيمة المضافة للسلعة أو الخدمة،
تعتمد الضريبة مبدأ الخصم كقاعدة، أي خصم الضريبة على المبيعات من الضريبة المؤداة على المشتريات.
هي ضريبة يتحمل عبئها المستهلك النهائي.
وإذا أجاز لنا تقديم تعريف بهذا الخصوص، فإنه يمكن القول بأن الضريبة على
القيمة المضافة هي ضريبة عامة على الاستهلاك سواء كان سلعا أو خدمات أو مهن حرة أو عمليات استيراد, تطال فقط القيمة المضافة للسلع والخدمات عند التداول،ويتحمل عبئها المستهلك النهائي للسلعة أو الخدمة,
ويتأسس النظام القانوني للضريبة على القيمة المضافة على مجموعة من العناصر والمقتضيات، سواء تلك المتعلقة بمجال التطبيق على المستويين الداخلي أو عند الاستيراد، أو بالنسبة للعمليات الخاضعة وجوبا أو اختيارا للضريبة، أو تلك المتعلقة بنطاق التطبيق والإعفاءات سواء بقوة القانون أو عن طريق اتخاذ مجموعة من الإجراءات والواقعة المنشئة للضريبة، والتي تتحصل في قبض جميع أو بعض ثمن البضائع أو الأعمال أو الخدمات، والسعر والمنازعات وواجبات الخاضعين وواجب السر المهني، وأيضا الحصة العائدة لميزانيات الجماعات الترابية للرفع من مواردها المالية.
كما يقوم حساب مبلغ الضريبة على القيمة المضافة على مبدأ أساسي هو "نظام الخصوم أو الإسقاطات"، ويفيد هذا المبدأ أن الملزم القانوني بالضريبة ليس مبدئيا الملزم النهائي بها، إذ يسمح مبدأ الخصوم بالإمكانية القانونية لخصم مبلغ الضريبة المؤداة على المبيعات عن المبلغ الضريبي المؤدى على المشتريات.
وإلى جانب مبدأ الخصوم، فإن العنصر الثاني في احتساب الضريبة على القيمة المضافة يتعلق بالأسعار المطبقة بشأنها، إذ أنه وعلى الرغم من التبسيط الذي جاءت به مقتضيات هذه الضريبة، والذي قلل من عدد الأسعار المطبقة في ظل الضريبة على المنتجات والخدمات فإن هذا التقليل يتناقض مع توجهات بعض التشريعات والأنظمة الضريبية المقارنة التي تعتمد سعرا وحيدا.

الفقرة الثانية: الإعفاءات الضريبية الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة
يعد مجال تطبيق الضريبة على القيمة المضافة غير شامل إذ تستفيد من الإعفاء مجموعة من العمليات، يمكن أن نصنفها إلى نوعين:
إذ حدد المشرع الفئة المستفيدة من الإعفاء والحق في الخصم وذلك بقوة القانون "المادة 92 من المدونة"، كما وقد حدد المشرع الفئة التي لا تستفيد من الخصم "المادة 91" ونجد في المدونة بعض الإعفاءات الخاضعة لبعض الإجراءات الإعفاءات الخاضعة لبعض الإجراءات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة. كما وتشتمل المدونة على إعفاءات حين الاستيراد حيث قد قيدها المشرع بمجموعة من الشروط الاستفادة منها وذلك نجده في المادة 93 من المدونة، وكذلك قد جاء مرسوم رقم 06.574 ليحدد مجال تطبيق إعفاءات على القيمة المضافة.
ونصنف الأهداف العامة لهذه الإعفاءات إلى إعفاءات ذات أهداف اقتصادية، لأجل تشجيع القطاعات، وعلى عكي الأهداف الأخرى الاجتماعية والثقافية التي تمنح دون الحق في الخصم، فإن الإعفاءات لغرض اقتصادي تستفيد من الحق في الخصم.
و تجدر الإشارة أن جمعيات السلفات الصغرى تستفيد من الإعفاء من الضريبة القيمة المضافة دون الحق في الخصم، ويقترح مشروع القانون المالي 2011 تمديد أجل الإعفاء المذكور إلى غاية 31 ديسمبر 2015. عدد المستفيدين من السلفات الصغرى الموزعة من طرف الجمعيات العاملة حاليا في هذا القطاع يتجاوز 1.022.940 منها 64% من النساء.

المبحث الثاني: دور الضريبة في التنمية الاقتصادية
تعتبر الضريبة وسيلة لتنظيم الإنتاج الوطني، حيث يمكن من خلال الضريبة التحكم في الطلب على السلع والخدمات لمواجهة العرض في طرفي الرخاء أو الكساد الاقتصادي للوصول إلى أوضاع طبيعة للاقتصاد وأيضا كبح جناح التضخم.
المطلب الأول: دور الضريبة في الحد من التضخم
التضخم هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات سواء كان هذا الارتفاع ناتجا عن زيادة كمية النقد بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة أو العكس أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.
ومن أبرز سمات ظاهرة التضخم: أنها نتاج لعوامل اقتصادية متعددة قد تكون متعارضة فيما بينها، فالتضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعدد ة الأبعاد في آن واحد ـ ناتجة عن اختلال العلاقات السعرية بين أسعار السلع والخدمات من ناحية، و بين أسعار عناصر الإنتاج (مستوى الأرباح والأجور وتكاليف المنتج) من جهة أخرى ـ انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات والذي يعبر عنه بانخفاض القوة الشرائية.
من خلال هذا التعريف، نرى أن ارتفاع الطلب الكلي على حجم الإنتاج من السلع والخدمات عن مستوى التشغيل الكامل يشكل عبئا وعائقا على الدول لابد من اجتيازه، وهذا لن يتأتى إلا بانتهاج سياسة جبائية رشيدة تراعي التوجه والنمط الاقتصادي.
التدخل بواسطة الضرائب المباشرة: قد تكون الضرائب المباشرة علاجا لزيادة الطلب على العرض من خلال التأثير عليها (ظاهرة التضخم) وذلك بالضغط على الطلب بفض ضرائب تصاعدية على الدخول ذات الوجهة الاستهلاكية وتخفيض الضرائب على أرباح المؤسسات لتتمكن من الاستثمار وبالتالي تهدف الضرائب المباشرة لتحقيق هدفين: الأول مالي وهو زيادة الحصيلة الجبائية، وبالتالي اقتصادي من خلال التأثير على الدخول (الطلب الكلي) ولا شك أن هذه العملية لها حدود متمثلة في حدود الضغط الجبائي، عن الارتفاع الكبير لمعدلات بعض الضرائب المباشرة بالرغم من أنها لا ترضي المواطنين، إلا أن دورها في محاربة التضخم يعتبر فعالا.
التدخل بواسطة الضرائب غير المباشرة: تلعب الضرائب غير المباشرة دورا تنظيميا خاصة تلك التي تمس الاستهلاك والتي تعتمد عليها معظم الدول النامية ومن بينها المغرب في تحقيق الجزء الأكبر من مواردها المالية نظرا لاندماج هذا النوع من الضرائب في الأسعار التي يتحملها المستهلك بصفة غير مباشرة. كما يمكن لبعض الضرائب غير المباشرة أن تلعب دورا هاما في محاربة التضخم كالضرائب على رأس المال التي تكون أقل اندماجا في الأسعار إذ يمكنها أن تمتص جزءا لا بأس به من القيمة النقدية الزائدة إذا ما لجأنا إلى رفع معدلاتها.
فالضرائب المفروضة على الاستهلاك (الضريبة على القيمة المضافة)، بالرفع من معدلات هذه الضرائب يؤدي إلى إحداث التضخم، إذ يؤدي هذا الإجراء إلى عدة آثار سلبية نتيجة غلاء المعيشة إذ يكون تهورا إذا رفعنها الضرائب على الإنفاق في حالة التضخم.
لذلك فإن لجوء السياسة الجبائية إلى الضرائب غير المباشرة للحد من التضخم يلزم عليها التخفيض من معدلات هذه الأخيرة لإعطاء نوع من التوازن في الأسعار، التي تصبح تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن.
من خلال ما سبق نرى أن النظام الجبائي الصارم والفعال في محاربة التضخم يجب عليه أن يعتمد على الضرائب المباشرة بنسبة تفوق تلك المعطاة للضرائب غير المباشرة لذلك فمعظم الأنظمة الضريبية لدول العالم الثالث تعتبر ضعيفة في محاربة التضخم وذلك لإسهام الضرائب غير المباشرة فيها بقدر كبير.

المطلب الثاني: آثار الجباية على الاستثمار والتجارة الخارجية
إن استخدام سياسة جبائية ناجعة تدفع بالمستثمر إلى توظيف أمواله دون تردد فالمغرب قام بمجهودات متواصلة في مجال الاستثمارات لتنشيط عملية التنمية الاقتصادية وتكثيفها فالعلاقة بين الجباية والاستثمار يجب أن تكون مبنية على أس ستسمح للاستثمار بلعب دور فعال في الاقتصاد وذلك باللجوء إلى الحوافز الجبائية:
إعفاءات (دائمة أو مؤقتة) على الضرائب على الدخل
تخفيضات في معدلات الضرائب
فمما لا شك فيه أنه لتحقيق تنمية شاملة لابد من الاعتماد على سياسة استثمارية ناجعة تسعى لتنشيط عملية التنمية الاقتصادية وتكثيفها.
الامتيازات الجبائية من خلال الضريبة على الدخل.
تتميز هذه الامتيازات أو الإعفاءات كونها دائمة أو مؤقتة تمكن الشركات الاستثمارية من التوسع في نشاطها وتشمل الإعفاءات الدائمة العديدة من المؤسسات خاصة المنتمية إلى القطاع الاجتماعي وتتغير هذه الإعفاءات وفق مستجدات قانون المالية السنوي بينما توجه الإعفاءات المؤقتة إلى المشاريع المهمة ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي الناجع.
وقد قام المغرب بوضع مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية لتشجيع الاستثمار الأجنبي حيث صدر أول قانون للاستثمار سنة 1958 وتلاه قانون 1960 وفي سنة 1973 تم نهج سياسة قطاعية في صياغة القوانين الاستثمارية التي تم التخلي عنها بعد ذلك وتعويضها بقانون إطار موحد بمثابة ميثاق على استثمار (ميثاق الاستثمار 95/98) الذي جاء في ظرفية عرف المغرب من خلالها ظروف داخلية وخارجية صعبة (التهديد بما سمي "السكتة القلبية"، العولمة) فكان من الضروري تهيء مشروع إصلاح شمولي في هذا المجال وجاءت الرسالة الملكية بتاريخ 11 يونيو 1993 لوضع إطار تحفيزي جديد تمخضت عنه تأسيس لجنة تتبع الاستثمارات وقد نص هذا الميثاق على مجموع ة من الضمانات تهدف في حقيقتها إلى إعطاء الأمان القانوني للمستثمر الأجنبي وتمكينه من الاستفادة من تحفيزات ذات طابع مالي إجباري كإلغاء العديد من الإعفاءات التي كان معمولا بها من قبل نظرا لكونها تؤدي إلى منافسة غير متوازنة لأن الميثاق لا يخرج عن السياسة العامة للحكومة والرامية إلى التخفيض الضريبي مع توسيع القاعدة الجبائية وهذا ما أكدته المادة 8 التي اعتبرت من بين أهداف الميثاق تحقيق توزيع أفضل للعبء الضريبي وتطبيق أسس للقواعد المتعلقة بالمنافسة الحرة.
وقد جاء قانون المالية لـ2011 ليؤكد حرص الحكومة على تعزيز جاذبية البلاد للرساميل والاستثمارات الخاصة الوطنية والدولية والرفع من تنافسية النسيج الإنتاجي الوطني.
فبلغ غدد الاتفاقيات الاستثمارية المصادق عليها خلال الفترة الممتدة من بين نونبر 2007 وأبريل 2009 ما مجموعه 88 اتفاقية تمثل استثمارا إجماليا يقدر بـ 83 مليار درهم ومن المرتقب أن تتيح هذه البرامج إحداث 34000 منصب شغل وصادقت لجنة الاستثمارات خلال دورة 20 أبريل 2009 لوحدها على 16 اتفاقية استثمارية بمبلغ إجمالي يقدر بـ 3.25 مليار درهم وتشمل عدة مجالات خاصة منها التوزيع على نطاق واسع، الإلكترونيك والسياحة والمعادن وصناعة الزجاج والنقل.
كما تم إحداث الوكالة المغربية لتنمية الاستثمار بمقتضى القانون رقم 41.08 بتاريخ 18 فبراير 2009 تناط بها القيام بعمليات الدعاية والتواصل حول فرص الاستثمار بالمغرب وتتبع التدابير المتخذة من طرف البلدان الأخرى وتقييم الوضعية التنافسية للبلاد مع تنظيم معارض وندوات داخل المغرب وخارجه بتنسيق مع السلطات الحكومية والهيئات الأخرى المختصة الخاضعة للقانون العام والخاص.
كما تتولى الوكالة تنمية مناطق الأنشطة المخصصة للقطاعات الصناعية والتجارية والتكنولوجيات الحديثة إلا أنه يجب التحلي بالحذر من الاستثمارات الأجنبية لأن الإعفاءات المقدمة لها تقود إلى تحويل جزء من الإيرادات العامة من الدول النامية (المغرب) إلى الدول المقدمة وما يجري بين الدول العربية (المغرب، مصر، تونس، الأردن) من مزايدات في منح الإعفاءات الضريبية لا يخدم بالضرورة مصالح هذه البلدان.
من هنا كان لابد من عقلنة الإعفاءات الضريبة خاصة أن توسيع نطاق الإعفاءات الجبائية يؤدي إلى تقليص نطاق الوعاء الضريبي وتعويض النقص في المداخيل المترتب عن هذه الإعفاءات وتجد القطاعات غير المستفيدة من الإعفاءات نفسها أمام ارتفاع أسعار الضرائب بكيفية تؤدي إلى ارتفع الضغط الضريبي وهو ما ينعكس سلبا على حركية الإنتاج ويساهم في تنامي التهرب الضريبي.
فإذا كانت الإعفاءات ذات الطابع الاجتماعي تعكس الالتزام بقاعدة التوزيع المتكافئ للعبء الجبائي حسب القدرات الإسهامية الحقيقية للملزمين والإعفاءات السياسية تعكس الوفاء بالالتزامات الدولية، فإن الحوافز الجبائية لأهداف اقتصادية تتسم بالاتساع المفرط وطول فترة الإعفاءات، وهو ما يؤدي إلى فقدان هذه الحوافز لطابعها التشجيعي فضلا عن كونها تفوت الفرصة على الدول في تحيل موارد مالية بالغة الأهمية.
ففي المجال الفلاحي مثلا، لابد من عقلنة الإعفاءات الجبائية حيث يضل الإعفاء الكلي للفلاحين يمثل عائقا أمام تطور مردودية النظام الجبائي وبالتالي فأي مشروع إصلاحي يهدف عقلنة النظام الجبائي المغربي يتطلب القيام بإصلاح حقيقي للضريبة الفلاحية. عن هذا الإعفاء لا يستفيد منه سوى الفلاحون الكبار وأصحاب الضيعات الواسعة الذين يقدر عددهم بـ 3000 فرد، ولا يعقل أن لا يساهم أول قطاع منتج في البلاد في تغذية الوعاء الجبائي.
سيعتمد وعاء هذه الضريبة بالأساس على القيمة التجارية للأراضي المستغلة أو غير المستغلة وكذلك على أدوات الاستغلال أو الإنتاج (المواشي...).
كما يجب أن تمنح تخفيضات وتسهيلات ضريبية في حالات الفيضانات أو الجفاف الطويل الأمد فبفضل هذه الإجراءات فإن الإصلاح الشامل للجباية الفلاحية سينعكس إيجابيا على السياسة الجبائية الوطنية حيث أن صلاحا من هذا النوع سيحقق:
توزيع عادل للعبء الجبائي.
أثر إيجابي على الصعيد الاقتصادي (زيادة الإنتاج الفلاحي وتطويره).
مرد ودية جبائية كبيرة.
من جهة أخرى لتشجيع الاستثمار تتمتع مجموعة من المنشآت التي تزاول أنشطتها في المناطق الحرة للتصدير بالإعفاء من مجموع الضريبة طول الخمس سنوات المحاسبية الأولى المتتالية تبتدئ من تاريخ الشروع في استغلالها.
تستفيد الوكالة الخاصة ـ طنجة البحر الأبيض المتوسط ـ وكذا الشركات المتدخلة في إنجاز وتهيئة استغلال وصيانة مشروع المنطقة الخاصة للتنمية طنجة البحر الأبيض المتوسط والمقامة في المناطق الحرة للتصدير المشار إلهيا في المادة الأولى من المرسوم بقانون 2.02.644 (20 شتنبر 2002) من الامتيازات الممنوحة للمنشآت المقامة في المناطق الحرة للتصدير.
وهكذا لكي لا تتحول الإعفاءات إلى أداة لمحاباة قطاعات معينة، ولتجنب فساد المنظومة الجبائية فإن أداء هذه الإعفاءات للوظائف المتوخاة منها يتوقف على عقلنتها وربط منحها بمعايير موضوعية وتحديد مدتها في آجال معقولة، وإخضاع الاستفادة منها لمراقبة مستمرة عن طريق إلزام المستفيدين من الإعفاءات بالأداء بتصريحات حول أنشطتهم ومداخليهم بكيفية منتظمة، وتزداد عقلنة الإعفاءات إلحاحا أمام الانخفاض المتواصل للمداخيل الجمركية نتيجة لتفكيك هذه الرسوم.
في الواقع تفترض التنمية الاقتصادية توفر شروط عديدة لا تشكل الضريبة سوى أحدها، وربما لا تشكل الشرط الأساسي والعامل الأهم قياسا بالشروط والعوامل الأخرى المرتبطة خاصة بمستوى الطلب وبضمان الاستثمار والبنيات التحتية غير المتوفرة في الكثير من الدول النامية.
وعلى الرغم من الفعالية النسبية والضعيفة بل وأحيانا السلبية للإعفاءات الضريبية تعرف الكثير من الدول النامية (من بينها المغرب) حالة من المزايدات في منح الامتيازات الضريبية.
ومن هنا كان لابد من عدم المبالغة في الإعفاءات، فلا يعتبر الإعفاء الضريبي سوى عامل من عوامل عديدة تقود إلى الاستثمار، يصبح من اللازم الاهتمام بجميع هذه العوامل، بالإضافة إلى الاعتماد على سياسة اختيار الاستثمارات، فهناك استثمارات قليلة الفائدة بل واستثمارات ضارة، لذلك من الخطأ محاباة الاستثمارات كيفما كانت طبيعتها، أي أن مساهمة الضريبة في التنمية الاقتصادية لا تعني منح الإعفاء الضريبي لجميع القطاعات الاقتصادية بل ينبغي اختيار القطاع الاقتصادي الذي يعاني من نقص الإنتاج على ضوء حاجات البلاد.
بسبب ندرة رؤوس الأموال الوطنية وضعف التكنولوجيا وضعت الكثير من الدول النامية سياسات تهدف إلى تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية بمنحها إعفاءات ضريبية مباشرة وغير مباشرة غالبا ما تكون كلية ولمدة تزيد عن 10 سنوات.
إن هذه السياسات خطيرة وغير فعالة فالتشجيع غير المدروس لرأس المال الأجنبي يقود إلى المس باستقلال البلاد وحريتها في الاختيار، كما أن أرباح رؤوس الأموال الأجنبية ستحول بالعملة الحرة إلى الخارج الأمر الذي يقود إلى اختلاف في ميزان المدفوعات، وأخيرا تفقد الدول النامية إيرادات ضريبية مهمة.
أما الدول المتقدمة فتستفيد من هذه الوضعية من خلال الحصول على كميات إضافية من العملات الأجنبية ورخص اليد العاملة.
وفي مجال التجارة الخارجية، يمكن للضرائب الجمركية أن تساهم في زيادة معدلات الاستثمار. وذلك من خلال تقرير معاملة ضريبية مرنة للواردات والتمييز بينها بحسب أهمية السلع المستوردة للإنتاج أو الاستهلاك الضروري أو الترفيهي. كما أن إعفاء الإيرادات المتحققة من النشاط الإنتاجي في المناطق الحرة (الإعفاء من الضرائب المباشرة والغير المباشرة) سيدفع إلى زيادة حجم النشاط الإنتاجي في هذه المناطق وهذا يعني مزيد من الاستثمار الوطني والأجنبي فيها واستيعاب عدد متزايد من العمالة الوطنية والاستفادة بالخبرات الأجنبية.
فكان لابد م إقرار سياسة جبائية ناجعة في هذا المجال كون التجارة تهد فأساسا إلى تطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الاقتصادية وذلك بتشجيع المنتوج الوطني مما يؤدي إلى رفع معدل الصادرات وتوفير مختلف السلع والتخفيف من البطالة.
فالتجارة الخارجية تهدف إلى تزويد الأسواق الوطنية والأجنبية بمختلف السلع والخدمات وتحقيق التكامل الاقتصادي بين المغرب وباقي دول العالم.
المطلب الثالث: الضريبية والإصلاح الجمركي
تهدف السياسة الجمركية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الحمائية من أجل مراقبة وتحديد المبادلات الخارجية. فالسياسة الحمائية تؤدي إلى مراقبة التحركات الاقتصادية بالشكل الذي يمكن الدولة من حماية اقتصادها الوطني في مواجهة الاقتصاديات الخارجية.
تتنوع أهداف السياسة الجمركية بين أهداف سياسية (الحفاظ على السيادة الوطنية التي تفرض نوعا من المراقبة الصارمة فيما يخص التجارة الخارجية) أهداف اقتصادية التي ترتكز على دعامتين هما حماية المنتجات الوطنية من جهة، وتشجيع الاستثمارات من جهة أخرى. وأهداف جبائية تتمثل في تحصيل أكبر قدر من الموارد التمويل الخزينة العامة.
ويمكن تقسيم الموارد الجمركية إلى:
ـ الموارد المتأتية من الرسوم الجمركية وتضم:
رسوم الاستيراد.
الاقتطاعات الضريبية عند الاستيراد.
رسوم التصدير.
ـ الموارد المتأتية من الضرائب غير المباشرة،
الضريبة على القيمة المضافة.
المكس الداخلي على الاستهلاك.
ولقد حاول المغرب منذ حصوله على الاستقلال الاعتماد على الرسوم الجمركية للحصول على أكبر جباية ممكنة إلا أنه من التسعينات ومع تخفيض التعرفة الجمركية والتحفيز التدريجي للرسوم الجمركية وعرفت الإيرادات الجمركية انخفاضا ملحوظا مما يدفع الحكومة للبحث عن موارد جديدة لسد الثغرات التي سببها هذا الانخفاض (الزيادة في نسبة الضرائب غير المباشرة) أو التقليل من النفقات خاصة النفقات الاجتماعية مما ينعكس سلبا على مستوى الخدمات المقدمة للساكنة (الصحة، التعليم).
من هنا كان لابد من إصلاح مدونة الجمارك لكي تواكب انفتاح الاقتصاد الوطني خاصة مع تحرير الحواجز الجمركية وانتشار ظاهرة العولمة مع تبسيط وتوحيد التعريفات وتسريع مساطر أداء الرسوم الجمركية المستحقة على البضائع دون نسيان تحسين الإدارة الجمركية مع انفتاحها على الفاعلين الاقتصاديين.

المبحث الثالث: دور الضريبة في التنمية الاجتماعية
أما الأهداف الاجتماعية للضريبة فتعد من الأهداف الأساسية للمالية العامة ومن ثم فإن هذه الأهداف تعد من أهم أركان التنظيم الضريبي الأمثل والمتمثل في ضرورة مراعاة العدالة الاجتماعية في فر ض الضرائب، ومعنى العدالة الاجتماعية هو الأخذ بعين الاعتبار المقدرة التكليفية للمكلف، بحيث لا يترتب على فرض الضرائب أي آثار اجتماعية ضارة أي تخفيض مستوى المعيشة.
وبهذا المفهوم نجد أن هذه الفلسفة تنطوي على إمكانية إعفاء المعدمين من الأفراد. وبذلك يكون مبدأ العدالة الضريبية من أقدم أهداف السياسة الضريبية، إلا أن تطور الحياة الاقتصادية واتساع مجال تدخل الدولة أدى إلى ظهور أهداف اجتماعية أخرى يمكن تحقيقها عن طريق استخدام الضرائب، هذه الأهداف هي إعادة توزيع الدخول بزيادة أسعار الضرائب على السلع الكمالية، والتي تعيد إنفاق حصيلتها الدولة لصالح الطبقات الفقيرة. وهنا تؤدي الضرائب التصاعدية على الدخل وإعفاء بعض السلع الاستهلاكية الضرورية من الضريبة لمحدودي الدخل دورا مهما لتحقيق هذا الغرض، وبذلك تكون الضريبة أداة مهمة لتقريب الفوارق بين الطبقات وتعديل الهيكل الاجتماعي.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة بأنه من الصعب تحقيق التنمية الاجتماعية في غياب الإنصاف. وهذا أيضا ما أشار إليه البنك الدولي في تقريره عن التنمية في العالم لسنة 2006، بحيث اعتبر بأن هناك علاقة سببية بين التنمية والإنصاف، وأن معنى هذا الأخير هو خلق تكافؤ للفرص بين مجموع أفراد الساكنة، وعدم إلقاء التكاليف كلها على بعض المواطنين.
هكذا ظلت الحياة السياسية بعيدة عن الفهم الحقيقي لمدلول التنمية. ويكفي أن نشير هنا إلى أنه عندما أعلن جلالة الملك عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والذي جاء في بعض مقتطفات منه: "... ونود التأكيد في هذا السياق على أنه لن يتم اللجوء إلى أي ضرائب أو تحملات جبائية جديدة، لا على المواطن، ولا على المقاولة..." خطاب يوم 18/05/2009، إلا أن الحكومات المتتالية استمرت في الزيادة في بعض الضرائب خاصة الضريبة على القيمة المضافة.
ونتيجة لذلك يرى أنه عندما تكون الجبايات غير عادلة ولا تحترم الحقوق الأساسية للأفراد بل تعمل على تحجميها، كيف يحق لنا أن نطلب من الخاضع للضريبة أن يكون مواطنا مصالحا، ويؤدي بكل روح المسؤولية والمواطنة ما بذمته لخزينة الدولة؟ كيف يمكن لنا أن نطلب منه المساهمة في تأدية الأعباء العامة والآخرون يغتنون على حسابه ولا يؤد ن ولو درهما واحدا لخزينة الدولة؟

المطلب الأول: دور الضريبة في محاربة البطالة
اقتصرت السياسات الاقتصادية المتوالية منذ بداية الثمانينات إلى الآن على الحفاظ على التوازنات المالية والمتعمدة على المؤشرات الماكرو ـ اقتصادية في غياب أي إستراتيجية تنموية فعالة.
ولقد كانت للسياسة الاقتصادية عواقب وخيمة على كل القطاعات الاجتماعية حيث تم تغييب الهدف الاجتماعي من حسابات المشرفين على الشأن المالي.
وتعرف بالبطالة بكونها عدم نشاط العمل لعدم توفر العمل أو لعدم القدرة عليه، ومن التدابير المالية التي تمكن من تخفيض نسبة العاطلين هي التخفيض في معدلات الضرائب لمساعدة الشركات الوطنية وتأهيل المقاولات خاصة مع المنافسة الأجنبية الشرسة التي تهدد مستقبل المقاولات الوطنية وبالتالي طرد آلاف العمال.
لذا ينبغي تدخل الدولة لحماية الاقتصاد الوطني من طريق العديد من الإجراءات ومن بينها الضرائب بواسطة الإعفاءات المؤقتة وتقديم إعانات للشركات حتى تتمكن من الاستثمار على نطاق واسع وتمكين آلاف العمال من حقهم في التشغيل للحد من آفة البطالة.والمهتم بالحقل الضريبي يكتشف أن بعض المقاولات تضطر إلى إقفال محلاتها التجارية نتيجة لتراكم العبء الضريبي عليها بمعنى أنها تضطر إلى الاستغناء عن حقها في ممارسة التجارة، وتتسبب في تسريح العديد من العمال الذي سيحرمون من حقهم في الشغل لكن مقابل ذلك تحاول النخب الحاكمة التلطيف من هذا الواقع عن طريق إيجاد صيغة قانونية لقبول الضرائب وعلى هذا الأساس انبثقت فكرة العدالة الجبائية.

المطلب الثاني: مبدأ العدالة الجبائية
للتعرف على مدى عدالة نظام ضريبي معين في بلد معين يجب مقارنة بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة.
ففي البلدان التي تعرف فوارق الطبقية صارخة تكون نسبة الضرائب غير المباشرة أكبر من نسبة الضرائب المباشرة (المغرب) ويمكن اعتبار الضرائب العادلة هي الضرائب التي تبني أحكاما فنية خالية من الغموض والتعقيد الفني تقوم على تشخيصية السعر والوعاء وتعتمد على سهولة التحصيل المالي ووضوحه إضافة لعمومية المادة الجبائية وكأداة تدخلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تتجلى العدالة الجبائية من خلال مبادئ أو قواعد تهم التنظيم الفني الضريبي وتتمثل في أربعة عناصر تبعا لتصنيف أدم سميت وهي:
المساواة، العمومية، اليقين، والملائمة.
وإلى جانب هذه المبادئ التي قارب بها أضم سميت العدالة، هناك جوانب أخرى لهذه الأخيرة، وتتجسد من خلال التمييز بين:
ـ العدالة العمودية: وتقتضي التشخيص la personnalisation de l’impôt والتصاعد الضريبي أي تحيمل المداخيل المرتفعة عبئا أكبر من المداخيل المنخفضة أي معاملة الملزمين من ذوي الوضعيات الاقتصادية غير المماثلة معاملة غير مماثلة.
ـ العدالة الأفقية: إخضاع أو معاملة الملزمين ذوي الوضعيات المماثلة معاملة ضريبية مماثلة.
وعلى أي ضمان مراعاة جوانب العدالة في التضريب لم تعد مقتصرة على الأحكام الفنية للضريبة بل تعدتها من خلال الربط بين العدالة الضريبية وبعض القطاعات الأخرى ذات الصلة بالجبائية.
وفي هذا الإطار تعتبرالعدالة الجبائية كأداة اجتماعية تدخلية من خلال توزيع الدخول وبسبب نظام الإعفاءات والتخفيضات حفاظا على الحد الأدنى للمعيشة، وفي هذا الصدد فقد اقترح قانون الجبايات المحلية توسيع قاعة الشريحة المعفاة من رسم السكن بالنسبة للعقارات المملوكة وذات القيمة الإيجارية التي لا تتجاوز 5000.00 درهم (المادة 27) بعدما كان هذا الإعفاء محددا في 2000.00 درهم في ظل الضريبة الحضرية وإذ يسجل على هذا القانون أنه لم يقر بجباية عقارية تداخلية للقضاء على المضاربة العقارية، فإنه على العكس من ذلك قد جانب مبدأ العدالة بينما أقر إعفاءات واسعة وسخية بالنسبة لقطاعات استثمارية مهمة كعدم خضوع عقارات جامعة الأخوين والعصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين، ومؤسسة الحسن الثاني لمحاربة داء السرطان أو مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية التي حبلت ب 22 إعفاء (المادة 41) أو الرسم على عمليات البناء 22 إعفاء (المادة 52) إضافة إلى إعفاء المنعشين العقاريين في مادة السكن الاجتماعي من كل الرسوم المحلية إضافة للضرائب الدولتية.
وفي ذلك محاباة لهذه الفئة، وبالتالي ترحيل العبء الجبائي إلى فئات اجتماعية أخرى، وهذا يشكل في حد ذاته مسا بمبدأ الإنصاف والعدالة الجبائية، كما يخالف منطق الأشياء، إذ أن التشريعات العادلة هي الأكثر مردودية وإنتاجية وهي التي تدفع الملزمين للإقدام على واجباتهم الجبائية.
ولتحسين مستوى المعيشة للفئات الفقيرة تم اللجوء إلى إعفاءات ضريبية يستفيد منها المنعشون العقاريون في إطار برنامج السكن الاقتصادي حيث يمثل قطاع السكن رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية واعتبارا لهذا الدور فإن قطاع السكن يندرج ضمن أولويات الحكومة حيث قامت بتجميع كل المؤسسات العمومية المكلفة بالسكن في مجموعة العمران، وتعبئة واسعة لأراضي الدولة بغية تفويتها للمنعشين العقارين ووضع تحفيزات ضريبية لفائدتهم من أجل تقليص تكلفة المنتوج النهائي.
وتم تدعيم برنامج بناء السكن الاقتصادي (الذي يكلف 140.000 درهم للمسكن الواحد ويخصص للأسر ذات الدخل الضعيف لتمكين الفئات المحيطة بالمدن ) ومن الولوج لسكن لائق (خاصة في المناطق القروية والمناطق المحيطة بالمدن) ومن أجل توفير ظروف النجاح لهذا البرنامج وتسريع وثيرة الإنجاز، تستفيد البرامج المندرجة ضمن هذا المنتوج قصد إنجاز 500 سكن بالمجال الحضري و100 سكن بالعالم القروي من إعفاء ضريبي شامل طبقا لمقتضيات قانون المالية 2008 من جهة أخرى، يمكن للجباية أن تتخذ كأداة اجتماعية تدخلية أيضا من خلال توزيع الدخول.
المطلب الثالث: الجباية وإعادة توزيع الدخل
تكتسب إعادة توزيع الدخول أهمية خاصة في الدول النامية التي تعرف تركيز أغلبية الدخول في أيدي فئات قليلة وبالتالي فالدولة مطالبة بالحد من الفوارق الاجتماعية لتكريس تنمية حقيقية.
من هنا كان اللجوء إلى الضرائب ضروريا لتحقيق العدالة ا لاجتماعية والحد من التفاوت الطبقي عن طريق توزيع أمثل للدخل بين مختلف الفئات الاجتماعية.
الفقرة الأولى: دور الضرائب المباشرة في إعادة توزيع الدخل
الضرائب على الدخل:
يعد هذا النوع من الأكثر تأثيرا على إعادة توزيع الدخل بين فئات المجتمع حيث تطبق على الدخول الضعيفة التي تتأثر بالاقتطاع الضريبي بشكل أكبر من أصحاب الدخول المرتفعة وهذا ما يكرس التفاوت الطبيعي.
بينما إذا ما طبقت هذه الضرائب بشكل تصاعدي فسيكون تأثيرها كبيرا على أصحاب الدخول المرتفعة فيتم بذلك تحقيق العدالة الجبائية.
وقد جاء قانون المالية 2010 بمجموعة من الإجراءات الضريبة تهدف إلى تخفيف الأعباء الضريبة للمساهمة في التنمية المنشودة حيث تم تقليص السعر الأعلى للضريبة على الدخل من 42 إلى 40% سنة 2009 إلى 38% سنة 2010.
رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة من 24000 درهم إلى 28000 درهم سنة 2009 إلى 30000 درهم سنة 2010.
رفع مبلغ الخصم من الضريبة اعتبارا للأعباء العائلية من 180 إلى 360 درهم.
رفع نسبة المصاريف المهنية القابلة للخصم من 17% إلى 20%.
تليين شروط الاستفادة من الخصم فيما يتعلق بفوائد قروض السكن وعقود تأمين التقاعد التكميلي والتأمين على الحياة، ومن شان هذه الإجراءات الرفع من مستوى أجور الموظفين.
الضرائب على رأس المال:
تهم جميع ممتلكات (الثروة) الشخص حيث يتم تطبيق هذه الضريبة في الدول المتقدمة بينما المغرب كسائر الدول النامية لا يزال يفتقر نظامه الضريبي لهذا النوع من الجباية تحت ذريعة مجموعة من التبريرات الاقتصادية المالية الإدارية حيث يرى أصحاب رؤوس الأموال أن هذه الضريبة ستعرقل مبادرة أصحاب الرأسمال في الادخار والاستثمار وتؤثر سلبا على النمو الاقتصادي.
إلا أن هذا يتناقض مع مبدأ العدالة ويساهم في تكريس الهوة بين مختلف الفئات الاجتماعية.
وقد رأى بعض الدارسون إلى أن تطبيق الضريبة على الرأسمال في المغرب ضروري لتحقيق العدالة الاجتماعية وذلك عن طريق نوعين من الضرائب:
ـ الضريبة على الثروات الكبرى (هذه الضريبة يعرفها التشريع الفرنسي منذ 1982).
ـ الضريبة على التركات: إن تطبيق هذا النوع من الضريبة يلقى معارضة شديدة من طرف البرلمان بدعوى أولا أن هذه الضريبة تتعارض مع الدين الإسلامي إلا أن الحقيقة هو أن قرض هذا النوع من الضريبة سيمس مصالحهم ومواقعهم المالية.
لذلك يمكن القول أن الضرائب المباشرة تدخل في إعادة توزيع الدخل الوطني على مختلف طبقات المجتمع، ويمكننا تقليل الفوارق وتحقيق العدالة الاجتماعية إذا ما استعملت أحسن أشكالها والمتمثلة في الضرائب التصاعديية إضافة إلى توسيع أوعية العديد من الضرائب التي تفرض على الطبقات الغنية.

الفقرة الثانية: دور الضرائب غير المباشرة في إعادة توزيع الدخل
تعتبر حصيلة الضرائب غير المباشرة أكثر مرونة لتجاوبها مع ارتفاع وانخفاض النشاط الاقتصادي ففي فترات الرواج يزداد استهلاك وإنفاق وتداول الأفراد مما يترتب عليه زيادة إجراءات الدولة من الضرائب تتجه إلى الانخفاض ولا شك أن زيادة إجراءات الدولة في أوقات الرواج وخفضها في حالات الكساد يساعد كثيرا على تحقيق استقرار النشاط الاقتصادي. وبما أنها تفرض على السلع دون مراعاة الظروف الشخصية الممول فهي تحصل من الأفراد بغض النظر عن دخولهم وثرواتهم وبالتالي فإن الضرائب التي سددها الفرد لا تتناسب مع دخله وثروته.
ولإدخال الضرائب غير المباشرة في إعادة توزيع الدخل ومساهمتها في تقليص الفوارق الاجتماعية كان لابد من تغيير نمط أسعار المواد والمنتجات بحيث يتم تضريب السلع الكمالية التي يقبل على شرائها أصحاب الدخول المرتفعة بشكل أكبر.
ويمكن التطرق في هذا الصدد إلى تعريف الحماية التي يمكن أن تنجح ليس فقط في زيادة الإنتاج بل أيضا في تحسين التوزيع بتخفيض التفاوت في الدخول عن طريق فرض ضرائب مرتفعة على السلع المستوردة التي يستعملها الأغنياء مما يؤدي إلى رفع الحصيلة الضريبية.
كما تلجأ الدولة إلى تخفيض أسعار الموارد المستهلكة من طرف الطبقة الفقيرة عن طريق تخفيض الضرائب المفروضة عليها.

إضافة: الضريبة في مشروع قانون المالية 2011
جاء الدستور الجديد في 2011 بمجموعة من التغييرات فيما يتعلق بإعداد مشروع القانون المالي مكنت السياسة الجبائية التي تبنتها السلطات العمومية منذ بداية هذا العقد من تحسين الموارد الجبائية وجعل المالية العامة في وضعية قادرة على امتصاص وتحمل آثار الأزمات المالية وقد ساعد هذا التحسن على تقليص نسبة المديونية وإعطاء دفعة جيدة للاستثمار العمومي، ومكن أيضا من ضمان التمويل اللازم للإصلاحات الاقتصادية والمالية في بلادنا في السنوات الأخيرة.
ومن بين هذه التدابير كما رأينا سابقا التخفيض من الضريبة على الدخل حيث يتوقع أن يؤدي إلى انتعاش استهلاك الأسر واستمرار تنفيذ البرامج الاستثمارية وينصب التوجه الحالي للمالية العمومية على النمو عبر مواصلة مسلسل تخفيض العبء الضريبي وتعزيز الاستهلاك والاستثمار، ورغم أن هذه السياسة ستتسبب في ارتفاع عجز الميزانية لكن هذا العجز لن يؤدي إلى إحداث مشاكل خاصة وذلك بفضل الوضعية المستديمة للمالية العمومية ومستوى جودة التمويلات الخارجية التي وقع عليها المغرب مع الجهات المانحة للقروض.
إلا أن الحكومة مطالبة بالأخذ بحيث الاعتبار بعض الانتقادات للقانون المالي عبر التعجيل بإصلاح القانون التنظيمي للمالية، مراجعة مدونة الضرائب، الزيادة في الضرائب على القيمة المضافة المفروضة على الخمور، التخفيض على الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لبعض المواد الغذائية مثل الزبدة، الكسكس، والخبز، أو إعفائها نهائيا.

عرفت حصيلة ونتائج السياسة الجبائية في المغرب بصفة عامة خلال العقود الأخيرة تبقى نوعا من المحدودية وعدم مسايرة التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي كما أكدت على ذلك العديد من التقارير التي أنجزها البنك العالمي، وكذلك العديد من الدراسات الأكاديمية.
دون إغفال أن هذه السلطات حاولت خلال العقد الأخير إدخال عدة إصلاحات على هذه السياسة لجعلها أكثر فعالية لكن هذه التعديلات تظل جزئية ومعزولة لن تحقق في الغالب الأهداف المنشودة وبالتالي أصبح من الضروري اليوم تحديد إستراتيجية جبائية تساير التحولات التي يعرفها المغرب وتساهم في ضمان التنمية المنشودة.
وفي هذا السياق يتعين اعتماد بعض الأساليب المعتمدة في عدد من البلدان ليست بالضرورة المتقدمة منها، بل هناك بلدان في أمريكا اللاتينية وآسيا (البرازيل، ماليزيا، الفيتنام) تعمل على نشر لائحة المؤسسات والأشخاص المعنيين بالغش والتهرب الضريبي وذلك بهدف حثهم وإرغامهم على أداء مستحقاتهم الجبائية لتعزيز موارد الدولة بهدف تحقيق التنمية.
فكل الخيارات الصائبة يمكن اعتمادها لتحقيق هذا الغرض شريطة توافق سياسة حقيقية تؤمن بثقافة التغيير الإيجابي وفصل السلط والتقييم والمحاسبة.
وفي جميع الحالات ينبغي النظر إلى الضريبة باعتبارها أداة مالية اقتصادية ذات مفهوم اجتماعي: فإذا كان التهرب الضريبي والغش الضريبي من أخطر الأمراض التي تصيب إنتاجية الضرائب، فإن استيراد مفاهيم ضريبة جاهزة من الخارج اخطر مرض يجعل الضريبة غير ملائمة للظروف الاقتصادية والاجتماعية لبلد ما، تبحث الدول النامية عن "الكمال الضريبي" الذي يعتقد بوجوده في الخارج، في حين أن هذه الدول لم تستطع هي بنفسها الوصول إليه.

سعيد جفري أستاذ باحث: القروض العامة
د. عبد القادر تعلالي: تدبير المالية العمومية بالمغرب
أنس بن صالح: المالية العامة 2010
محمد شكيري: القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المالية والتنمية، الطبعة الثانية 2005.
مشروع قانون المالية 2011.
عبد الأمير شمس الدين: الضرائب: أسسها العلمية وتطبيقاتها العملية (دراسة مقارنة) المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع 1987، ص 28 (العدالة الضريبية).
عبد الكريم صادق بركات: النظم الضريبية، النظرية والتطبيق، الدار الجامعية، بيروت 1976، ص 27.
عبد المجيد دراز: مبادئ المالية العامة، الدار الجامعية 1988، ص 222.
الدكتور حسن العريف: القانون الضريبي المغربي.
فاطمة حمدان: محاضرات الجباية، الفصل 4، 2007-2006.

0 comments :

Post a Comment